الصحيح إنْ كان في نعمة العافية من المنعم سبحانه، فالمريض الذي حُرِم منها ليس في نعمة المنعِم، إنما في صحبته ومعيته.
ومن هنا لما مرض أحد العارفين بالله كان يغضب إذا دُعِي له بالشفاء، ويقول لعائده: لا تقطع عليَّ أُنْسي بربي.
وجاء في الحديث القدسي: «يا ابن آدم، مرضتُ فلم تَعُدْني، قال: وكيف أعودُكَ وأنت ربُّ العالمين، قال: أما علمتَ أن عبدي فلاناً مرض فلم تَعُدْهُ، أما إنك لو عُدته لوجدتني عنده».
إذن: حينما يعلم المريض أنه في معية الله يستحي أن يجزع ومعنى ﴿قَوْماً بُوراً﴾ [الفرقان: ١٨] البُور: الهلاك، ومنه أرض بُور، وهي التي لا تُنبت.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ﴾
بعد أن سألهم الحق تبارك وتعالى وهو أعلم بهم: ﴿أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ﴾ [الفرقان: ١٧] وأجابوا: ﴿ولكن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَآءَهُمْ حتى نَسُواْ الذكر وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً﴾ [الفرقان: ١٨] وقد هَزَّهم هذا السؤال هِزَّة عنيفة أراد سبحانه أنْ يُبرئهم فقال ﴿فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ﴾ [الفرقان: ١٩] يعني: أنا أعرف أنكم قلتم الحق، لكنهم كذَّبوكم بما تقولون ﴿فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلاَ نَصْراً﴾ [الفرقان: ١٩]


الصفحة التالية
Icon