الرجل الشهادتين زاره رسول الله وأكل من طعامه، فأغضب ذلك أمية ابن خلف صاحب عقبة فقال له: لقد صبوتَ يا عقبة، فقال عقبة: والله ما قلتُ ذلك إلا لأنني أحببتُ أن يأكلَ محمد عندي كما يأكل الناس، فقال أمية: فلا يبرئك مني إلا أنْ تذهب إلى محمد في دار الندوة فتطأ عنقة وتبصق.. إلخ، وفعل عقبة ما أشار عليه به صاحبه» فنزلت الآية: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظالم على يَدَيْهِ يَقُولُ ياليتني اتخذت مَعَ الرسول سَبِيلاً﴾ [الفرقان: ٢٧] والمراد بالسبيل قوله: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
ثم يقول: ﴿ياويلتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً﴾
الويل: الهلاك، فهو يدعو الهلاك ويناديه أنْ يحلّ به، والإنسان لا يطلب الهلاك لنفسه إلا إذا تعرّض لعذاب أشدّ من الهلاك، كما قال أحدهم:
أَشَدُّ من السّقم الذي يُذهِب السّقما... وقول الشاعر:

كَفَى بِكَ دَاءً أنْ تَرَى الموْتَ شَافِياً وحَسْبُ المنَايَا أنْ يكُنَّ أَمَانِيَا
فلما كانت المسألةُ أكبر منه وفوق احتماله نادى يا ويلتي احضري، فهذا أوانك لتُخلِّصيني مما أنا فيه من العذاب.


الصفحة التالية
Icon