الخطاب في ﴿اذهبآ﴾ [الفرقان: ٣٦] للرسول موسى، وللوزير هارون وقال: ﴿إِلَى القوم الذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا﴾ [الفرقان: ٣٦] مع أن فيهم مَنِ ادعى الألوهية استمراراً لإرخاء العِنَان للخَصْم، فقد كذّب فرعون بأن من آيات الله أن يؤمن بإله واحد.
ثم كانت النهاية ﴿فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً﴾ [الفرقان: ٣٦] لأنهم وقفوا من موسى وهارون موقفَ العداء، وقامت بينهما معركة تدخل فيها الحق سبحانه، ودمرهم تدميراً، كأن الحق سبحانه يقول لرسوله: اطمئن فإنْ حادوا عن جادة الحق وأبَوْا أنْ يأتوك طائعين، فسوف تكون نهايتهم كنهاية هؤلاء. ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُواْ الرسل﴾
ذكر الحق تبارك وتعالى نوحاً بعد موسى عليهما السلام؛ لأن كلاً منهما تميَّز في دعوته بشيء، وتحمَّل كل منهما ألواناً من المشقة، فموسى واجه مَنِ ادعى الألوهية، ونوح أخذ سُلْطة زمنية واسعة انتظمتْ كل الموجودين على الأرض في وقته ولا يعني هذا أنه عليه السلام أُرسِل إلى الناس كلهم، إنما كان قومه هم الموجودون على الأرض في هذا الوقت فقد لَبِثَ فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً.
واقرأ قصته عليه السلام في سورة نوح لتقف على مدى معاناته في دعوة قومه طوال هذه الفترة، ومع ذلك ما آمن معه إلا قليل، وكانت الغَلَبة له في النهاية.


الصفحة التالية
Icon