﴿تِلْكَ آيَاتُ الكتاب المبين﴾
أي: أن الكتاب المبين مُكوَّن من مثل هذه الحروف، ولله تعالى معَانٍ أخرى، فيها مرادات له سبحانه، لعلّ الزمن يكشف لنا عنها.. والقرآن كلام الله، وصفاته لا تتناهى في الكمال، فإنِ استطعتَ أن تصف الأشياء، هذا كذا، وهذا كذا فهذه طاقة البشر والعقل البشري. أمّا آيات الله في كتابه المبين فهي الآيات الفاصلة التي لها بَدْء ولها ونهاية، وتتكوّن منها سور القرآن.
ومعنى ﴿المبين﴾ [الشعراء: ٢] الواضح المحيط بكل شيء، كما قال سبحانه في آية أخرى: ﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٣٨].
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ﴾
هذه هي التسلية لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ لأنه حمّل نفسه في تبليغ الرسالة فوق ما يُطيق، وفوق ما يطلبه الله منه حِِرْصاً منه على هداية الناس، وإرجاعهم إلى منهج الله؛ ليستحقوا الخلافة في الأرض، ولأن من شروط الإيمان أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك.
والحق تبارك وتعالى يُسلِّي رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، كما قال له في سورة الكهف: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ على آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بهذا الحديث أَسَفاً﴾ [لكهف: ٦].