﴿وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ﴾
قوله: ﴿مُحْدَثٍ﴾ [الشعراء: ٥] يعني: جديد على أذهانهم؛ لأننا لا نلفتهم بآية واحدة، بل بآيات الواحدة تلو الأخرى: ﴿إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ﴾ [الشعراء: ٥].
فكلما جاءتهم آية كذَّبوها، وهذا دليل على اللدد والعداوة التي لا تفارق قلوبهم لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، بحيث لا يصادف نجم من القرآن قلوباً خالية، فكأن عداوتهم لك يا محمد منعتْهم من الإيمان بالقرآن، فهم مستعدون للإيمان بالقرآن إنْ جاء من غيرك.
أليسوا هم القائلين: ﴿لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآن على رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ﴾ [الزخرف: ٣١].
إذن: فاللدَد والخصومة ليستْ في منهج الله، إنما في شخص رسول الله؛ لذلك ربُّك يُعزِّيك ويحرص عليك: ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الذي يَقُولُونَ﴾ [الأنعام: ٣٣] مرة ساحر، ومرة مجنون.. إلخ. انظر إلى التسلية: ﴿فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ﴾ [الأنعام: ٣٣] فأنت عندهم صادق أمين ﴿ولكن الظالمين بِآيَاتِ الله يَجْحَدُونَ﴾ [الأنعام: ٣٣].
وقوله تعالى: ﴿إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ﴾ [الشعراء: ٥] أي: في غباء ولَدَد، وهل هناك أشدّ لَدَداً من قولهم: ﴿اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السمآء أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الأنفال: ٣٢].


الصفحة التالية
Icon