لكن الحق تعالى قال: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرياح لَوَاقِحَ﴾ [الحجر: ٢٢].
وقال: ﴿وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ﴾ [الذاريات: ٤٩].
ثم وصف الزوج بأنه ﴿كَرِيمٍ﴾ [الشعراء: ٧] فماذا يعني الكرم هنا؟ قالوا: لأنك إذا أخذتَ الثمرة الواحدة ونظرت وتأملتَ فيها لوجدتَ لها صفات متعددة ونِعَماً كثيرة، كما قال سبحانه: ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَا﴾ [إبراهيم: ٣٤] وهي نعمة واحدة بصيغة المفرد ولم يقل نعم الله.
قالوا: لأن الحق عزّ وجلَّ يريد أن يلفتنا إلى أن كل نعمة واحدة لو استقصيتَ عناصرها وتكوينها لوجدتَ في طياتها نِعَماً لا تُعَدُّ ولا تُحْصَى.
فمعنى ﴿كَرِيمٍ﴾ [الشعراء: ٧] يعني: كثير العطاء وكثير الخيرات.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ [الشعراء: ٨] أي: في آية الإنبات، وكل زوج كريم يخرج من الأرض ﴿لآيَةً﴾ [الشعراء: ٨] شيء عجيب ودلالة واضحة على مُكوِّن حكيم يعمل الشيء بقصد ونظام، ينبغي أن تلفتنا إلى قدرة الخالق عَزَّ وَجَلَّ.
﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ٨] يعني: مع كل هذه الآيات لم يؤمنوا، إلا القليل منهم كما قال تعالى في آية أخرى: ﴿وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السماوات والأرض يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾ [يوسف: ١٠٥] مع أنك لو تأملتَ آية واحدة لكانت كافية لأنْ تلفتك إلى الله.


الصفحة التالية
Icon