له ربه: ﴿ياحسرة عَلَى العباد مَا يَأْتِيهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [يس: ٣٠] فالمسألة إذن قديمة قِدَم الرسالات.
لذلك، يأخذنا السياق بعد ذلك إلى موكب النبوات، فيذكر الحق سبحانه لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ طرفاً من قصة نبي الله موسى: ﴿وَإِذْ نادى رَبُّكَ موسى﴾
الحق تبارك وتعالى يقصُّ على رسوله قصص الأنبياء، وهو أحسن القصص لحكمة: ﴿وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرسل مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ [هود: ١٢٠].
لأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مرَّ بمعارك كثيرة مع الكفر، فكان يحتاج إلى تثبيت مستمر كلما تعرض لشدة؛ لذلك تكرر القصص القرآني لرسول الله على مدى عمر الدعوة، والقصص القرآني لا يراد به التأريخ لحياة الرسل السابقين، إنما إعطاء النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عِبرةً وعظة بمَنْ سبقه من إخوانه الرسل؛ لذلك كانت القصة تأتي في عدة مواضع، وفي كل موضع لقطة معينة تناسب الحدث الذي نزلت فيه.
وهنا يقول سبحانه: ﴿وَإِذْ نادى رَبُّكَ موسى﴾ [الشعراء: ١٠] يعني: اذكر يا محمد، إذ نادى ربك موسى أي: دعاه. لكن لماذا بدأ بقصة موسى عليه السلام بالذات؟
قالوا: لأن كفار مكة كفروا بك أنت، فلا تحزن؛ لأن غيرهم كان أفظع منهم، حيث ادعى الألوهية، وقال: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨].
والسياق هنا لم يذكر: أين ناداه ربه، ولا متى ناداه، وبدأ الحوار معه مباشرة، لكن في مواضع أخرى جاء تفصيل هذا كله.


الصفحة التالية
Icon