ونلحظ أن الإنسان إذا صعد مكاناً عالياً (ينهج)، وتزداد ضربات قلبه وحركة تنفسه، لماذا؟ لأن الحركة تحتاج لكثير من الهواء، فإنْ قَلَّ الهواء يضيق الصدر؛ لأنه يكفي فقط لا ستبقاء الحياة، لكنه لا يكفي الحركة الخارجية للإنسان.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ﴾
وليت المسألة تقف بين نبي الله موسى وبين قومه عند مسألة الكلام، إنما لهم عنده ثَأْرٌ قديم؛ لأنه قتل منهم واحداً، وإنْ كان عَنْ غير قصد، كما قال تعالى في آية أخرى: ﴿فَوَكَزَهُ موسى فقضى عَلَيْهِ﴾ [القصص: ١٥] فأخاف أنْ يقتلوني به.
فيقول الحق سبحانه لموسى وهارون: ﴿قَالَ كَلاَّ فاذهبا﴾
(كَلاَّ) تفيد نَفْي ما قبلها، وقبلها مسائل ثلاث: ﴿أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ﴾ [الشعراء: ١٢]، ﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنطَلِقُ لِسَانِي﴾ [الشعراء: ١٣]، ﴿فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ﴾ [الشعراء: ١٤] فعلى أيٍّ منها ينصَبُّ هذا النفي؟
النفي هنا يتوجَّه إلى ما يتعلق بموسى عليه السلام لا بما يتعلق بالقوم من تكذيبهم إياه، يقول له ربه: اطمئن، فلن يحدث شيء من هذا كله. ولا ينصبُّ النفي على تكذيبهم له؛ لأنه سيُكذَّب؛


الصفحة التالية
Icon