لِّي وَلَكَ} [القصص: ٩] وكأن الله تعالى يقول: ستأخذونه ليكون قُرَّة عين لكم، إنما هو سيكون عدواً.
والله تعالى يقول: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّ الله يَحُولُ بَيْنَ المرء وَقَلْبِهِ﴾ [الأنفال: ٢٤] ففرعون في حين كان يقتل الأطفال من بني إسرائيل، ويستحيي البنات، جاءه هذا الطفل بهذه الطريقة اللافتة للنظر، فكان عليهم أنْ يفهموا أن مَنْ أُلقِي في التابتوت وفي اليمِّ بافتعال، هو بهدف نجاته من القتل، فلو كان فرعون إلهاً، فكيف مرّت عليه هذه الحيلة وجازتْ عليه؟
وهذا يدل على أن الله تعالى إذا أراد إنفاذ أمر سلب من ذوي العقول عقولهم، وحال بين المرء وقلبه، ويدل على غباء قومه؛ لأنهم لو تأملوا هذه المسألة لظهر لهم كذب فرعون في ادعائه الألوهية.
فكان ردّ فرعون على موسى عليه السلام: ﴿قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً﴾
يريد فرعون أنْ يُذكِّر موسى بما كان من أمر تربيته في بيته لعدة سنوات، حتى شَبَّ وكبر، وكأنه يُوبِّخه كيف يقف منه هذا الموقف العدائي بعدما كان منه.
﴿وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ﴾ [الشعراء: ١٨] ويقال: إن موسى لبث في بيت فرعون حتى سِنِّ الثامنة عشرة، أو سِنِّ الثلاثين، فالمعنى أنه ربَّاه ولبث معه أيضاً عدة سنوات.