يقول موسى عليه السلام: أنا لا أنكر أنني قتلتُ، لكنني قتلتُ وأنا من الضالين. يعني: الجاهلين بما يترتب على عملية القتل، وما كنت أعتقدُ أبداً أن هذه الوَكْزة ستقضي على الرجل.
فكلمة ﴿الضالين﴾ [الشعراء: ٢٠] هنا لا تعني عدم الهدى، فمن هذا المعنى للضلال قولهم: ضَلَّ الطريق، وهو لم يتعمد أن يضل، إنما تاه رَغْماً عنه.
ومنه قوله تعالى في الشهادة: ﴿أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأخرى﴾ [البقرة: ٢٨٢].
وقوله تعالى مخاطباً نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ﴿وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فهدى﴾ [الضحى: ٧] أي: متحيراً بين الباطل الذي يمارسه قومه، وبين الحق الذي لا يجد له بينة.
﴿حُكْماً﴾ [الشعراء: ٢١] أي: أنْ أضع الأشياء في مواضعها، وجاءت هذه الكلمة بعد ﴿فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ الضالين﴾ [الشعراء: ٢٠] كأنه يقول: أنا وكزتُ الرجل، هذا صحيح، فمات، وهذا خطأ غير مقصود وإنني مظلوم فيه؛ لأن الله قد أعطاني حكماً وقدرة لأضع الأشياء في محلها.