وهذه العبارة من فرعون تفضح المتكلِّم بها، فقد شهد لموسى بأنه رسول، وخانه لفظه من حيث لا يدري.
يرد موسى عليه السلام بحجة أخرى، لكن يختمها هذه المرة بقوله: ﴿إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الشعراء: ٢٨] وقد قال في سابقتها ﴿إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ﴾ [الشعراء: ٢٤] كأنه يقول لفرعون: ما دام قد وصل بك الأمر لأنْ تتهمني بالجنون فلن أقول إنْ كنتم موقنين، إنما إنْ كنتم تعقلون، فجاء بمقابل الجنون.
فيُنهي فرعون هذا النقاش، ويأتي بخلاصة الأمر كما يرى، فيقول: ﴿قَالَ لَئِنِ اتخذت﴾
وهذا من فرعون إفلاس في الحجة، ولو كان عنده رَدٌّ لما يقوله موسى لردّ عليه، ولَقرع الحجة بالحجة، لكنه تقوَّى على خَصْمه بأن هدده بالسجن والإبعاد، وكان المسجون عندهم يظل في السجن حتى الموت.
ولم يُراع فرعون في هذه المسألة الناس من حوله، أن يكتشفوا هذا الإفلاس، وهذا الحمق في رَدِّه.


الصفحة التالية
Icon