ويُؤخِّر موسى عليه السلام ما معه من الآيات، ويستمر في الجدل وإظهار الحجة: ﴿قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ﴾
يعني: إذا لم تقنع بكل الحجج السابقة، فهل لو جئتك بآية واضحة دالة على صدق رسالتي، أتجعلني أيضاً من المسجونين؟
انظر إلى تعارض فرعون مع نفسه، فكان عليه ساعةَ أنْ يسمع من موسى هذا الكلام أنْ يُصر على سجنه، لكن الحق تبارك وتعالى يريد أنْ يُظهر حجته، فيجعل فرعون هو الذي يطلبها بنفسه ﴿قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين﴾ [الشعراء: ٣١] وما كان لموسى أن يأتي بآية إلا أنْ يطلبها منه فرعون.
إلقاء العصا له في القرآن ثلاث مراحل: الأولى: هي التي واكبتْ اختيار الله لموسى ليكون رسولاً، حين قال له: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ ياموسى﴾ [طه: ١٧] وقلنا: إن موسى عليه السلام أطال في إجابة هذا السؤال لحرصه على إطالة مدة الأُنْس بالله عَزَّ وَجَلَّ فقال: ﴿هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا على غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أخرى﴾ [اطه: ١٨].