ثم قال بعدها: ﴿قَالَتْ ياأيها الملأ إني أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ﴾ [النمل: ٢٩] وحذف ما بين هذين الحدثيْن مما نعلمه نحن من السياق.
وقوله: ﴿أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ﴾ [الشعراء: ٤٣] هذه هي الغاية التي انتهى إليها بعد المحاورة مع السحرة.
فكانت العصىّ والحبال هي آلات سحرهم ﴿وَقَالُواْ بِعِزَّةِ فِرْعَونَ إِنَّا لَنَحْنُ الغالبون﴾ [الشعراء: ٤٤] بعزة فرعون: هذا قسمهم، وما أخيبه من قسم؛ لأن فرعون لا يُغلَب ولا يُقهر في نظرهم، وسبق أن أوضحنا أن العزة تعني عدم القهر وعدم الغلبة، لكن عزة فرعون عزة كاذبة وأنفة وكبرياء بلا رصيد من حق، وعزة بالإثم كالتي قال الله عنها: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتق الله أَخَذَتْهُ العزة بالإثم﴾ [البقرة: ٢٠٦].
وقال تعالى: ﴿ص والقرآن ذِي الذكر بَلِ الذين كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ﴾ [ص: ١٢] أي: عزة بإثم، وعزة بباطل.
ومنه أيضاً قوله تعالى عن المنافقين: ﴿لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى المدينة لَيُخْرِجَنَّ الأعز مِنْهَا الأذل﴾ [المنافقون: ٨] فصدّق القرآن على قولهم