عداوة الدنيا، وهي متعددة الأسباب، أمّا العداوة في الدين فواحدة على قلب رجل واحد.
ومن ذلك ما قلناه في سورة النور عند قوله تعالى: ﴿لَّيْسَ عَلَى الأعمى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأعرج حَرَجٌ وَلاَ عَلَى المريض حَرَجٌ وَلاَ على أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَآئِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ [النور: ٦١].
كلها بصيغة الجمع إلا في ﴿صَدِيقِكُمْ﴾ [النور: ٦١] جاءت بصغية المفرد؛ لأن الصداقة الحقة هي ما كانت لله غير متعددة الأغراض، فهي إذن لا تتعدد.
وفي إعلان إبراهيم لعداوته لهذه الأصنام تحدٍّ لهم: فها أنا ذا أعلن عداوتي لهم، فإنْ كانوا يقدرون على مضرّتي فليفعلوا. وبعد أن أعلن إبراهيم عليه السلام عداوته للأصنام نجحت دعوته، وظل إبراهيم هو إبراهيم لم يُصبْه شيء.
كأن الحق تبارك وتعالى يقول لهم: يا أغبياء، اعلموا أن للعبادة أسباباً وحيثيات. ويوضح إبراهيم عليه السلام حيثيات عبادة ربه عزَّ وجل فيقول: ﴿الذي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ﴾ [الشعراء: ٧٨] أي: خلقني من عدم، وأمدَّني من عُدْم، وجعل لي قانون صيانة يحفظ حياتي، ويضمن سلامتي حيث كلَّفني بشرعه: افعل كذا ولا تفعل كذا، وهو سبحانه لا ينتفع بشيء من هذا، بل النفع يعود علينا نحن، وهل فعلتْ الأصنام لكم شيئاً من هذا؟ إذن: فهو واحده المستحق للعبادة.