رَشْق النِّبال «كما سمح لهم بإلقاء الشعر في المسجد؛ لأنهم دخلوا في هذا الاستثناء، فهم من الذين آمنوا، وعملوا الصالحات، وذكروا الله كثيراً، وهم الذين ينتصرون للإسلام ويُمجِّدون رسول الله، ويدافعون عنه، ويردُّون عنه ألسنة الكفار.
ومعنى: ﴿وانتصروا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ﴾ [الشعراء: ٢٢٧] أنهم لم يكونوا سفهاء، لم يبدأوا الكفار بالهجاء، إنما ينتصرون لأنفسهم، ويدفعون ما وقع على الإسلام من ظلم الكافرين؛ لذلك لما هجا أبو سفيان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، قال أحدهم رداً عليهم:
| أتهْجُوهُ وَلسْتَ لَهُ بكُفْءٍ | فَشرُّكما لخيركما الفِدَاءُ |
| فَإنَّ أَبِي وَوَالِدهِ وعِرْضِي | لِعْرضِ مُحمدٍ منكمُ وِقَاءُ |
ومن رحمته تعالى وحكمته أنْ أباح للمظلوم أنْ ينتصر لنفسه، وأنْ يُنفِّس عنها ما يعانيه من وطأة الظلم، حتى لا تُكبتَ بداخله هذه المشاعر، ولا بُدَّ لها أن تنفجر، فقال سبحانه: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ﴾ [النحل: ١٢٦].