تسع آيات. تُثبِّت موسى أمام فرعون وقومه. فهل أُرسل موسى عليه السلام إلى فرعون خاصة؟ لا، إنما أُرسِل إلى بني إسرائيل، لكنه أراد أنْ يُقنع فرعون بأنه مُرْسَل من عند الله حتى لا يحول بينه وبينهم، وجاءت مسألة دعوة فرعون إلى الإيمان بالله عَرَضاً في أحداث القصة، فليست هي أساسَ دعوة موسى عليه السلام.
ومعنى ﴿إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ﴾ [النمل: ١٢] إشارةً إلى أن الإنسان وإنْ كان كافراً خارجاً عن طاعة الله إلا أنَّ أصله من أصلاب مؤمنة، والمراد الإيمان الأول في آدم عليه السلام، وفي ذريته من بعده، لكنهم فسقوا أي: خرجوا من غشاء التكليف الذي يُغلِّف حركة حياتهم، كما نقول: فسقت الرطبة: يعني خرجت من غلافها، كذلك فَسَق الإنسان أي: خرج عن حيِّز التكليف الصائن له.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا﴾
الآيات: المعجزات التي تُثبت صِدْق الرسول، والآيات تكون مُبْصَرة بصيغة اسم المفعول، لكن كيف تكون هي المبصرة بصيغة اسم الفاعل، وهذه المسألة عرفناها أخيراً، فكانوا منذ القدم عند اليونان والحضارات القديمة يظنون أن رؤية العين للأشياء تحدث من شعاع يخرج من العين إلى الشيء المرئي، إلى أن جاء العالم المسلم الحسن بن الهيثم ليثبت خطأ هذه النظرية ويقول بعكسها.


الصفحة التالية
Icon