فالرؤية تتم بخروج شعاع من الشيء المرئيّ إلى العين، بدليل أننا لا نرى الشيء إنْ كان في الظلام، وأنت في النور، فإنْ كان الشيء في النور وأنت في الظلام تراه.
إذن: فكأن الآيات نفسها هي المبصِرة؛ لأنها هي التي ترسل الأشعة التي تسبب الرؤية. أو: أن الآيات من الوضوح كأنها تُلِحّ على الناس أنْ يروْا وأنْ يتأملوا، فكأنها أبصرُ منهم للحقائق.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتهآ﴾
﴿وَجَحَدُواْ﴾ [النمل: ١٤] أي: باللسان ﴿بِهَا﴾ [النمل: ١٤] بالآيات ﴿واستيقنتهآ أَنفُسُهُمْ﴾ [النمل: ١٤] أي: إيماناً بها، إذن: المسألة عناد ولَدَد في الخصومة؛ لذلك قال تعالى بعدها ﴿ظُلْماً وَعُلُوّاً﴾ [النمل: ١٤] أي: استكباراً عن الحق ﴿فانظر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المفسدين﴾ [النمل: ١٤] وترْك عاقبتهم مبهمة لتعظيم شأنها وتهويلها.
ثم يترك قصة موسى مع فرعون وما كان من أمرهما لمناسبة أخرى تحتاج إلى تثبيت آخر، وينتقل إلى قصة أخرى في موكب الأنبياء، فيها هي الأخرى مواطن للعِبْرة وللتثبيت: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ﴾