وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِمْ مَّاذَا تَفْقِدُونَ} [يوسف: ٧١]، فإنْ جاءت بصيغة (تفقَّد) بالتضعيف دلَّتْ على أن الشيء موجود وأنا أبحث عنه في مظانّه.
فمعنى ﴿وَتَفَقَّدَ الطير﴾ [النمل: ٢٠] أن الرئيس او المهيمن على شيء لا بُدَّ له من متابعته، وسليمان عليه السلام ساعةَ جلس في مجلس العلم أو مجلس القضاء نظر للحاضرين من مملكته، كأنه القائد يستعرض جنوده، وفي هذا إشارة إلى أنه عليه السلام مع أن هذا ملكه ومُسخَّر له ومُنقَاد لأمره، إلا أنه لم يتركه هَمَلاً دون متابعة.
لكن، لماذا تفقَّد الطير بالذات؟ قالوا: لأنه أراد أنْ يقوم برحلة في الصحراء، والهدهد هو الخبير بهذه المسألة؛ لأنه يعلم مجاهلها، ويرى حتى الماء في باطن الأرض، يقولون: كما يرى أحدكم الزيت في وعائه.
لذلك نرى أن من مميزات الهدهد أن الله تعالى جعل له منقاراً طويلاً؛ لأنه لا يأكل مما على سطح الأرض، إنما ينبش بمنقاره ليُخرج طعامه من تحت الأرض.
ألاَ تراه حين كلَّم سليمان في دقائق العقيدة والإيمان بالله يقول عن أهل سبأ: ﴿أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ الذي يُخْرِجُ الخبء فِي السماوات والأرض﴾ [النمل: ٢٥] فاختار هذه المسألة بالذات؛ لأنه الخبير بها ورزقه منها.
ولما لم يجد الهدهد في الحاضرين قال {فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى