ومثال ذلك هذا الجناس الناقص في قوله تعالى: ﴿ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾ [الهمزة: ١] فقد ورد اللفظ المناسب مُعبِّراً عن المعنى المراد دون تكلّف، فالهُمَزة هو الذي يعيب بالقول. واللمزة: الذي يعيب بالفعل، فالقرآن لا يتصيَّد لفظاً ليُحدِث جناساً، إنما يأتي الجناس فيه طبيعياً يقتضيه المعنى.
ومن ذلك في الحديث الشريف: «الخيْل معقود بنواصيها الخير» فبيْن الخيل والخير جناس ناقص، مُحسِّناً للفظ، مؤدّياً للمعنى.
وقد يأتي المحسِّن البديعي مُضطرباً مُتكلِّفاً، يتصيده صاحبه، كقول أحدهم ينحت الكلام نحتاً فيأتي بسجع ركيك: في أثناء ما كنا نسير نزل المطر كأفواه القِرَب، فوقع رجل كان يحمل العنب.
ومعنى ﴿أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ﴾ [النمل: ٢٢] الإحاطة: إدراك المعلوم من كل جوانبه، ومنه البحر المحيط لاتساعه، ويقول سبحانه: ﴿وَكَانَ الله بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطاً﴾ [النساء: ١٢٦] ومنه: الحائط يجعلونه حول البستان ليحميه ويُحدِّده، ومنه: يحتاط للأمر.
ومحيط الدائرة الذي يحيط بالمركز من كل ناحية إحاطة مستوية بأنصاف الأقطار.
لكن أَيُعَدُّ قول الهدهد لسليمان ﴿أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ﴾ [النمل: ٢٢] نقصاً في سليمان عليه السلام؟ لا، إنما يُعَدُّ تكريماً له؛ لأن