أصدقتَ أم كنت من الكاذبين، فكتب إليها كتاباً فيه كذا وكذا ثم قال للهدهد: ﴿اذهب بِّكِتَابِي هذا﴾ [النمل: ٢٨] وقد حُذِف هذا للعلم به من سياق القصة.
وقوله: ﴿ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ [النمل: ٢٨] يعني: ابتعِدْ قليلاً، وحاول أنْ تعرف ﴿مَاذَا يَرْجِعُونَ﴾ [النمل: ٢٨] يعني: يراجع بعضهم بعضاً، ويتناقشون فيما في الكتاب، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿أَفَلاَ يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلاَ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً﴾ [طه: ٨٩].
والسياق يقتضي أن نقول: فذهب الهدهد بالكتاب، وألقاه عند بلقيس فقرأتْه واستشارتْ فيه أتباعها وخاصتها، ثم قالت: ﴿قَالَتْ ياأيها الملأ﴾
نلحظ هنا سرعة جواب الأمر ﴿اذهب﴾ [النمل: ٢٨] فبعده مباشرة قالت ملكة سبأ: ﴿قَالَتْ ياأيها الملأ إني أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ﴾ [النمل: ٢٩] وهذا يدل على أن أوامر سليمان كانت محوطة بالتنفيذ العاجل؛ لذلك حذف السياق كل التفاصيل بين الأمر ﴿اذهب﴾ [النمل: ٢٨] والجواب ﴿قَالَتْ﴾ [النمل: ٢٩] هكذا على وجه السرعة.
ومعنى ﴿الملأ﴾ [النمل: ٢٩] هم أعيان القوم وأشرافهم والمستشارون والخاصة ﴿إني أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ﴾ [النمل: ٢٩] فوصفتْ الكتاب بأنه كريم إما لأنها سمعتْ عن سليمان عليه


الصفحة التالية
Icon