أي: فلما جاء رسول بلقيس إلى سليمان بالهدية ﴿قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ آتَانِيَ الله خَيْرٌ مِّمَّآ آتَاكُمْ﴾ [النمل: ٣٦] فأيُّ هدية هذه، وأنا أملك مُلْكاً لا ينبغي لأحد من بعدي؟ ﴿بَلْ﴾ [النمل: ٣٦] يعني: اضرب عن الكلام السابق ﴿أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾ [النمل: ٣٦].
أضاف الهدية إليهم، لا إليه هو، والإضافة تأتي إما بمعنى اللام مثل: قلم زيد يعني لزيد، أو: بمعنى من مثل: إردب قمح يعني: من قمح، أو: بمعنى في مثل: مكر الليلَ يعني: في الليل.
فقوله ﴿بِهَدِيَّتِكُمْ﴾ [النمل: ٣٦] إما أن يكون المراد: هدية لكم. أي: فأنتم تفرحون إنْ جاءتكم هدية من أحد، أو لأنني سأردُّها إليكم فتفرحوا بردِّها كمَنْ يقول (بركة يا جامع) أو: هدية منكم. أي: أنكم تفرحون إنْ أهديتم لي هدية فقبلتُها منكم.
فهذه معَانٍ ثلاثة لقوله: ﴿بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾ [النمل: ٣٦].
نذكر أن الملكة قالت ﴿فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ المرسلون﴾ [النمل: ٣٥] فكأنه يستشعر نصَّ ما قالت، وينطق عن إشراقات النبوة فيه،