وليعلموا أنهم جهلاء، ظلُّوا يعملون لسليمان وهو ميت ومُتكىء على عصاه أمامهم، وهم مرعوبون خائفون منه.
والتحدي قد يكون بالعُلُوِّ، وقد يكون بالدُّنُو، كالذي قال لصاحبه: أنا دارس باريس دراسة دقيقة، وأستطيع أنْ أركب معك السيارة وأقول لك: أين نحن منها، وأمام أيّ محل، وأنا مُغْمض العينين، فقال الآخر: وأنا أستطيع أن أخبرك بذلك بدون أن أُغمِض عَيْنيّ.
وقوله: ﴿فَلَمَّا رَآهُ﴾ [النمل: ٤٠] أي: العرش ﴿مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هذا مِن فَضْلِ رَبِّي﴾ [النمل: ٤٠] إما لأنه أقدره على الإتيان به بنفسه، أو سخّر له مَنْ عنده علم من الكتاب، فأتاه به، فهذه أو ذلك فضل من الله.
﴿ليبلوني﴾ [النمل: ٤٠] يختبرني ﴿أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾ [النمل: ٤٠] يعني: أشكر الله فأُوفَّق في هذا الاختبار؟ أم أكفر بنعمة الله فأخفق فيه؟ لأن الاختبار إنما يكون بنتيجته.
والشكر بأن ينسب النعمة إلى المنعم وألاَّ يلهيه جمال النعمة عن جلال واهبها ومُسْديها، فيقول مثلاً: إنما أوتيته على علم عندي.
وقوله: ﴿وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ [النمل: ٤٠] أي: أن الله تعالى لا يزيده شُكْرنا شيئاً، فله سبحانه وتعالى صفات الكمال المطلق قبل أنْ يشكره أحد، فمَنْ يشكر فإنما يعود عليه، وهو ثمرة شُكْره.
﴿وَمَن كَفَرَ﴾ [النمل: ٤٠] يعني: جحد النعمة ولم يشكر المنعم ﴿فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ﴾ [النمل: ٤٠] أي: عن شكره ﴿كَرِيمٌ﴾ [النمل: ٤٠]