فعرفتُ أنه مقطوع الذنب، ورأيت أحد أخفافه لا يؤثر في الرمل فعرفتُ أنه أعرج، ورأيته يأكل من ناحية ويترك الأخرى فعرفتُ أنه أعور.
والحق تبارك وتعالى حين يقصُّ علينا يقصُّ الواقع، فقَصص القرآن لا يعرف الخيال كقصص البشر؛ لذلك يسميه القصص الحق، وأحسن القصص، لأنه يروي الواقع طِبْق الأصل.
معنى ﴿عَلاَ﴾ [القصص: ٤] من العلو أي: استعلى، والمستعلَى عليه هم رعيته، بل علا على وزرائه والخاصة من رعيته، وعلا حتى على الله عَزَّ وَجَلَّ فادَّعى الألوهية، وهذا منتهى الاستعلاء، ومنتهى الطغيان والتكبُّر، وما دامت عنده هذه الصفات وهو بشر وله هوىً فلا بُدَّ أنْ يستخدمها في إذلال رعيته.
﴿وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً﴾ [القصص: ٤] جمع شيعة، وهي الطائفة التي لها استقلالها الخاص، والمفروض في المُمَلَّك أنْ يُسوِّي بين رعيته، فلا تأخذ طبقة أو جماعة حظوه عن الأخرى، أما فرعون فقد جعل الناس طوائف، ثم يسلِّط بعضها على بعض، ويُسخِّر بعضها لبعض.


الصفحة التالية
Icon