ثم يهيىء الحق سبحانه كذلك امرأة فرعون ليتم هذا التدبير الإلهي لموسى فتقول ﴿قُرَّةُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ﴾ [القصص: ٩].
فيرد عليها فرعون: بل لك أنت وحدك، وكأنه يستشعر ما سيحدث، ولكن إرادة الله لا بُدَّ نافذة ولا بُدَّ أن يأخذ القدر مجراه لا يمنعه شيء؛ لأن الله تعالى إذا أراد شيئاً فلا رادّ لإرادته.
فمع ما علمه فرعون من أمر الرؤيا أو النبوءة رُبّي الوليد في بيته، ولا يخلو الأمر أيضاً من سيطرة المرأة على الرجل في مثل هذا الموقف.
لذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حينما قُرِئت هذه الآية قال: «والذي يُحلف به، لو قال فرعون كما قالت امرأته قرة عين لي ولك لهداه الله كما هداها» إنما ردَّ الخير الذي ساقه الله إليه؛ لذلك أسلمتْ زوجته وماتت على الإيمان.
وهي التي قالت: ﴿رَبِّ ابن لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الجنة وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ القوم الظالمين﴾ [التحريم: ١١] أما هو فمات على كفره شَرَّ ميتة.
وسبق أنْ تكلّمنا في وحي الله لأم موسى ﴿وَأَوْحَيْنَآ إلى أُمِّ موسى أَنْ أَرْضِعِيهِ﴾ [القصص: ٧] وقلنا: إن الوحي في عموم اللغة: إعلام بطريق خفي دون أن تبحث عن الموحِي، أو الموحَى إليه، أو الموحَى به.
أما الوَحْي الشرعي فإعلام من الله تعالى لرسوله بمنهج لخَلْقه.


الصفحة التالية
Icon