إليه، ولم يطلبوه، فما أنْ رأوه أخذوه، لكن ما علة التقاطه؟
الزوجة قالت ﴿قُرَّةُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ﴾ [القصص: ٩] وقالت في حيثية أخرى: ﴿عسى أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً﴾ [القصص: ٩] فلم يكن لهم بنون، فأرادوا أخاً للبنت، وأرادته البنت صيدلية علاج، لكن هل ظلتْ هذه العلة قائمة ووجدت فعلاً؟
لا، إنما التقطوه لتقدير آخر ﴿لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً﴾ [القصص: ٨] لا ليكون قرة عين، فاللام هنا في ﴿لِيَكُونَ﴾ [القصص: ٨] لام العاقبة يعني: كان يفكر لشيء، فجاءت العاقبة بشيء آخر.
وفي هذا إشارة وبيان لغباء فرعون والطمس على بصيرته وهو الإله!! فبعد أنْ حذَّره الكهنة، وبعد الرُّؤْيا الي رآها وعِلْمه بخطورة هذا المولود على مُلْكه وعلى حياته يرضى أنْ يُربِّيه في بيته، وهذا دليل صِدْق قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّ الله يَحُولُ بَيْنَ المرء وَقَلْبِهِ﴾ [الأنفال: ٢٤].
ومعنى ﴿وَحَزَناً﴾ [القصص: ٨] يعني حُزْن مثل: عَدَم وعُدْم، وسَقَم وسُقْم، وبَخَل وبُخْل، فالمعنى يأتي بالصيغتين.
وقول الحق سبحانه: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ﴾ [القصص: ٨].
هم خاطئون؛ لأن تصرفاتهم لا تتناسب مع ما عرفوه من أمر الوليد، فلم يُقدِّروا المسائل، ولم يستنبطوا العواقب، وكان عليهم أن يشكُّوا في أمر طفل جاء على هذه الحالة، فلا بُدَّ أن أهله قصدوا نجاته من يد فرعون.