ومنه قوله تعالى: ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ﴾ [إبراهيم: ٤٣] ويقولون في العامية: (فلان معندوش ولا الهوا) ذلك لأن الهواء آخر ما يمكن أن يفرغ منه الشيء.
ومعنى: ﴿إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾ [القصص: ١٠] يعني: قاربت من فراغ فؤادها أن تقول إنه ولدي ﴿لولا أَن رَّبَطْنَا على قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ المؤمنين﴾ [القصص: ١٠] لإن الإيمان هو الذي يجلب لك النفع، ويمنعك من الضار، وإنْ كان فيه شهوة عاجلة لك، فمنعها إيمانُها من شهوة الأمومة في هذا الموقف، ومن ممارسة العطف والحنان الطبيعيين في الأم؛ لأن هذه شهوة عاجلة يتبعها ضرر كبير، فإنْ أحسُّوا أنه ولدها قتلوه.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ﴾
قُصِّيه: يعني: تتبعي أثره، وراقبي سيره إلى إين ذهب؟ وماذا فُعِل به؟ وحين سمعت الأخت هذا الأمر سارعتْ إلى التنفيذ؛ لذلك استخدم الفاء الدالة على التعقيب وسرعة الاستجابة ﴿فَبَصُرَتْ بِهِ﴾ [القصص: ١١] ولم يقُلْ: فقصَّته؛ لأن البصر وإنْ كان بمعنى الرؤية إلا أنه يدل على العناية والاهتمام بالمرئي.


الصفحة التالية
Icon