وفي تحريم الخمر قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشيطان فاجتنبوه﴾ [المائدة: ٩٠] فطلع علينا مَنْ يقول: هذا ليس نصاً في التحريم، لأنه لم يقُلْ حرَّمْت عليكم، فهي مجرد موعظة ونصيحة.
ونقول: لو فهمت معنى ﴿فاجتنبوه﴾ [المائدة: ٩٠] لعلمتَ أنها أقوى في التحريم من حرمت عليكم؛ لأن معنى حرَّمتْ عليكم الخمر يعني: لا تشربوها، أما ﴿فاجتنبوه﴾ [المائدة: ٩٠] يعني: ابتعدوا عنها كليةً شُرْباً أو بَيْعاً، أو شراء، أو نقلاً، أو حتى الجلوس في مجالسها.
ثم تتحدث الآيات بعد ذلك عن تمهيدات الأقدار للأقدار، فتقول: ﴿وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ المراضع﴾
التحريم هنا لا يعني التحريم بالنسبة للمكلَّف: هذا حلال وهذا حرام، إنما ﴿وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ المراضع﴾ [القصص: ١٢] يعني: منعناه أنْ يرضع من المرضعات اللائي يأتونَ بهن لتتقلب عليه المراضع واحدة بعد الأخرى، إلى أن تأتيه أمه.
و ﴿المراضع﴾ [القصص: ١٢] جمع مُرضِع، ونقول أيضاً: مرضعة، ولكل من اللفظين مدلول، على خلاف ما يظنه البعض أنهما بمعنى واحد.