واقرأ أول سورة الحج: ﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ﴾ [الحج: ٢].
المرضِع: التي من شأنها أنْ تُرضع، وصالحة لهذه العملية، لكن المرضعة التي تُرضع الآن فعلاً، وعلة حِجْرها طفل يلتقم ثديها، وفي موقف القيامة ستذهل هذه عن طفلها من هَوْل ما ترى، إذن: فالتي تذهل هي المرضعة لا المرضع.
والضمير في ﴿فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ﴾ [القصص: ١٢] يعود على أخت موسى؛ لأنها ما زالت في مهمة تتبُّع الولد، وقد سمعها هامان تقول ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ على أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ﴾ [القصص: ١٢] فقال لها: لا بدَّ أنك من أهل هذا الولد؟ وتعرفين قصَّته، فقالت: بل ناصحون للملك مخلصون له. وفعلاً وافقوها على ما نصحتْ به؛ لأنهم معذورون، فالولد يأبى الرضاعة من الأخريات.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿فَرَدَدْنَاهُ إلى أُمِّهِ﴾
وسبق أنْ وعدها الله: ﴿إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ﴾ [القصص: ٧] وها هو أوانُ تحقيق الوعد الأول، وهو بُشْرى بتحقُّق الوعد الثاني ﴿وَجَاعِلُوهُ مِنَ المرسلين﴾ [القصص: ٧] لكن هذا في مستقبل الأيام، وسوف يتحقق أيضاً.