أراد موسى عليه السلام أن يدخل القرية على حين غفلة من أهلها، لأن بني إسرائيل كانوا مُضطهدين، وكان القبط في بعض المدن ذاتَ الكثافة العددية منهم يُحرِّمون على بني إسرائيل دخول قراهم؛ لذلك اختار موسى وقت غفلة الناس، لكنه لم يدخل في الليل لأنه لا يهتدي إلى الطريق، فقيل: دخلها وقت القيلولة والناس في بيوتهم.
﴿فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هذا مِن شِيعَتِهِ﴾ [القصص: ١٥] يعني: من بني إسرائيل ﴿وهذا مِنْ عَدُوِّهِ﴾ [القصص: ١٥] يعني: الأقباط ﴿فاستغاثه﴾ [القصص: ١٥] أي: طلب منه العَوْن والنجدة ﴿فَوَكَزَهُ موسى﴾ [القصص: ١٥] يعني: ضربه بجُمْع يديه، فجاءت نهاية القبطي وأجله مع هذه الضربة، لا أنه مات بها، وكثيراً ما تحدثُ هذه المسألة في شجار مثلاً بين شخصين، فيضرب أحدهما الآخر فيقع ميتاً، وبتشريح جثته يتبين أنه مات بسبب آخر.
ومثال ذلك: حين تكلِّف شخصاً بقضاء حاجة لك، أو تُوسِّطه في أمر ما، فيدخل عند المسئولين ويسعى إلى أن يقضي لك حاجتك فتقول: «فلان قضالي كذا وكذا» وهو في الحقيقة ما قضى في الأرض إلا بعد أن قضى الله في السماء.
لكن الله تعالى أراد أنْ يُكرم الواسطة، فجعل قضاءها موافقاً لقضائه سبحانه، فنقول في هذه الحالة: قضي الله المصلحة معه لا به.
كان القبط كما قُلْنا يكرهون بني إسرائيل ويُعذِّبونهم، فلما