فهو يعلم أنها استجابة سريعة من ربه حين دعاه ﴿رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ [القصص: ٢٤] وهي سبب من الأسباب يَمدُّه الله له، وما كان له أنْ يردَّ أسباب الله، فلم يتأبَّ، ولم يرفض دعوة الأب.
ولم يذكر لنا السياق هنا كيف سار موسى والفتاة أبيها، لكن يُرْوَى أنهما سارا في وقت تهبُّ فيه الرياح من خلفها، وكانت الفتاة في الأمام لتدلّه على الطريق، فلما ضمَّ الهواء ملابسها، فوصفت عجيزتها، قال لها: يا هذه، سيري خلفي ودُلِّيني على الطريق.
وهذا أدب آخر من آدام النبوة.
﴿فَلَمَّا جَآءَهُ﴾ [القصص: ٢٥] أي: سيدنا شعيب عليه السلام ﴿وَقَصَّ عَلَيْهِ القصص﴾ [القصص: ٢٥] أي: ما كان بينه وبين القبطي ﴿قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ القوم الظالمين﴾ [القصص: ٢٥] يعني: طمأنه وهدَّأ من رَوْعه.
وهذا حكم رابع نستفيده من هذه الآيات، نأخذه من قول الفتاة ﴿ياأبت استأجره﴾ [القصص: ٢٦].
وفي قولها دليل على أنها لم تعشق الخروج للعمل، إنما تطلب مَنْ يقوم به بدلاً عنها؛ لِتقَّر في بيتها.
ثم تذكر البنت حيثيات هذا العرض الذي عرضته على أبيها ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ استأجرت القوي الأمين﴾ [القصص: ٢٦] وهذان شرطان لا بُدَّ


الصفحة التالية
Icon