معنى ﴿يَرْجُو لِقَآءَ الله... ﴾ [العنكبوت: ٥] يعني: يؤمن به وينتظره ويعمل من أجله، يؤمن بأن الله الذي خلقه وأعدَّ له هذا الكون ليحيا حياته الطيبة، وأنه سبحانه بعد ذلك سيُعيده ويحاسبه؛ لذلك إنْ لم يعبده ويطعْه شُكْراً له على ما وهب، فليعبده خوفاً منه أنْ يناله بسوء في الآخرة.
وأهل المعرفة يروْنَ فرقاً بين مَنْ يرجو الثواب ويرجو رحمة الله، ومن يرجو لقاء الله لذات اللقاء، لا خوفاً من نار، ولا طمعاً في جنة؛ لذلك تقول رابعة العدوية:
كُلُّهم يَعْبدُونَ مِنْ خَوْفِ نَارٍ | ويروْنَ النجاةَ حَظَّاً جَزِيلاً |
أَوْ بِأَنْ يَسْكُنُوا الجِنانَ فيحظَوْا | بقُصُورٍ ويَشْربُوا سَلْسبِيلا |
لَيْسَ لي بالجنَانِ والنّارِ حَظٌّ | أنَا لا أبتغي بحِبي بَديلاَ |
ويقول تعالى في سورة الكهف: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً﴾ [الكهف: ١١٠] ولو كانت الجنة لأن لقاء الله أعظم، وهو الذي يُرْجى لذاته.
والحق سبحانه يؤكد هذه المسألة بأكثر من مؤكد: ﴿فَإِنَّ أَجَلَ الله لآتٍ... ﴾ [العنكبوت: ٥] فأكَّده بإن واللام وصيغة اسم الفاعل الدالة