فقال: أتدري ما الشرط؟ قال: نعم، قال: قُلْ ما عندك، فقال:
أَرَدْنَ فِي أَبي حَسَنٍ مَدِيحاً | كَمَا بالمْدحِ تُنْتَجَعُ الوُلاَة |
فَقْلْنا أكْرَمُ الثَّقلَيْنِ طُرّاً | ومِنْ كفَّيْهِ دجلَةُ والفُراتُ |
وقالوا يَقبل المدحاةَ لكنْ | جَوَائِزُهُ عليهِنَّ الصَّلاَةُ |
فقُلْتُ لهم ومَا تُغَني صَلاَتِي | عِيَالي إنما الشْأنُ الزَّكَاةُ |
فَيأمُر لي بِكسْر الصّادِ منها | فَتُصبح ليِ الصِّلات هِي الصَّلاةُ |
ثم يقول سبحانه في وصفهم: ﴿وَهُمْ بالآخرة هُمْ يُوقِنُونَ﴾ [لقمان: ٤] لأن الإيمان باليوم الآخر يقتضي أنْ نعمل بمنهج الله في (افعل كذا) و (لا تفعل كذا)، ونحن على يقين من أننا لن نفلت من الله ولن نهرب من عقابه في الآخرة، وأننا مُحَاسبون على أعمالنا، فلم نُخلق عبثاً، ولن نُتْرك سدى، كما قال سبحانه: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ﴾ [المؤمنون: ١١٥].
ونلحظ هما في الأسلوب تكرار ضمير الغيبة (هم) فقال: ﴿وَهُمْ بالآخرة هُمْ يُوقِنُونَ﴾ [لقمان: ٤] وهذا يدلُّنا على أن الإيمان بالآخرة أمر مؤكد لا شكَّ فيه، ومع أن الناس يؤمنون بهذا اليوم، ويؤمنون أنهم محاسبون، وأن الله لم يكلفهم عبثاً - مع هذا - يؤكد الحق سبحانه على أمر الآخرة؛ لأنها مسألة بعيدة في نظر الناس، وربما غفلوا عنها لبُعْدها عنهم، ولم لا وهم يغفلون حتى عن الموت الذي يرونه