فهو عين اليقين، فإذا باشرتَ ذلك بنفسك فهو حَقُّ اليقين.
وضربنا لذلك مثلاً إذا قلت لك: إن البيت الحرام في مكة وصفَته كذا وكذا، وقد حدثت فيه توسعات كذا وكذا، فهذه المعلومات بالنسبة لك علم يقين، فإذا رأيتَ الحرم فهي عَيْن يقين، فإذا يسَّر الله لك الحج أو العمرة فباشرْتَه بنفسك، فهو حَقُّ اليقين.
والحق سبحانه وتعالى عالج هذه المراتب في سورتين: ﴿أَلْهَاكُمُ التكاثر حتى زُرْتُمُ المقابر كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليقين لَتَرَوُنَّ الجحيم ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ اليقين ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم﴾ [التكاثر: ١ - ٨].
وذلك حين يمرون على الصراط ويروْنَ النار بأعينهم رأي العين.
أما حق اليقين بالنسبة للنار، فقد جاء في قوله تعالى: ﴿فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ المقربين فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ اليمين فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ اليمين وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ المكذبين الضآلين فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ اليقين فَسَبِّحْ باسم رَبِّكَ العظيم﴾ [الواقعة: ٨٨ - ٩٦].
لكن، هل القرآن نزل هُدى للمتقين، وهدى للمحسنين فحسب؟ قلنا: إن الهداية تأتي بمعنيين: هداية دلالة وإرشاد، وهداية توفيق ومعونة، فإن كانت هداية دلالة فقد دلّ الله المؤمن والكافر بدليل قوله تعالى ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فاستحبوا العمى عَلَى الهدى﴾ [فصلت: ١٧]
فالحق سبحانه دلَّ الجميع لأنهم عباده، فمنهم من قَبِل الدلالة واقتنع بها فآمن، ومنهم مَنْ رفضها فكفر، أما الذي قَبِل دلاَلة الله وآمن به فيزيده الله هداية أخرى، هي المعونة علىَ الإيمان، فيُحِّببه


الصفحة التالية
Icon