لكن إذا انتقل إلى مرحلة التكليف، فإن اللعب يشغله عن شيء طُلب منه، ويُسمَّى في هذه الحالة لهواً، ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفضوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً﴾ [الجمعة: ١١]
إذن: فاللهو هو الشيء الذي لا مصلحة فيه، ويشغلك عن مطلوب منك.
فآية سورة العنكبوت التي قدمت اللهو على اللعب تعني أن أمور الاشتغال بغير الدين قد بلغت مبلغاً، وأن الفساد قد طمَّ واستشرى الانشغال بغير المطلوب عن المطلوب، فهذه أبلغ في المعنى من تقديم اللعب؛ لأن اللعب لم يُلهه عن شيء.
لكن، ما اللهو الذي اشتروه ليصرفوا الناس به عن الحق وعن دعوة الإسلام؟ إنهم لما سمعوا القرآن فيه قصصاً عن عاد وثمود، وعن مدين وفرعون.. الخ، فأرادوا أنْ يشغلوا الناس بمثل هذه القصص.
وقد ذهب واحد منهم وهو النضر بن الحارث إلى بلاد فارس وجاءهم من هناك بقصص مسلية عن رستم وعن الأكاسرة وعن ملوك حِمْيَر، اشتراها وجاء بها، وجعل له مجلساً يجتمع الناس فيه ليقصّها عليهم، ويصرفهم بسماعها عن سماع منطق الحق في رسول الله.
وآخر يقول: بل جاء أحدهم بمغنية تغنيهم أغاني ماجنة متكسرة.
ومعنى: ﴿لَهْوَ الحديث﴾ [لقمان: ٦] قال العلماء: هو كل ما يُلهي عن مطلوب لله، وإنْ لم يكُنْ في ذاته في غير مطلوب الله لَهْواً، وعليه فالعمل الذي يُلهي صاحبه من صناعة أو زراعة.. الخ يُعَدُّ من اللهو إنْ شغله مثلاً عن الصلاة، أو عن أداء واجب لله تعالى.
ومن التصرفات ما يُعَدُّ لهواً، وإنْ لم يشغلك عن شيء كالغناء،