فَقَسَا لِيزْدجِرُوا ومَنْ يَكُ حَازِماً... فَلْيقسُ أحْيَاناً على مَنْ يَرْحَم
إذن: فمن العذاب ما هو تذكير وتطهير أو ترضية وتكريم لمستقبل، وإنما سُمِّي عذاباً تجاوزاً، فهو في هذه الحالة لا يُعَدُّ عذاباً.
وفي هذا المعنى قال الزمخشري رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: الملك يكون عنده الخادم، فيفعل ما لا يُرضي سيده، فيأمر صاحب الشرطة أنْ يأخذه ويعذبه جزاء ما فعل، فيأخذه الشرطي ويُعذَّبه بقدر لا يتعداه، لأنه يعلم أنه سيعود مرة أخرى إلى خدمة السيد، فالعذاب في هذه الحالة يكون بقدر ما فعل الخادم ليس مهنياً له. لكن إنْ قال له: خُذْ هذا الخادم واقْصِه عن الخدمة أو افصله، يعني: ليست له عودة فلا شكَّ أن العذاب سيكون مهنياً وأليماً.
فالعذاب إنْ سمَّيناه عذاباً يكون إكراماً لمن تحب وتريد أن تطهره، أما العذاب المهين فهو لمن لا أمل في عودته، والإهانة تقتضي الأبدية والخلود.
ثم يقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَا تتلى عَلَيْهِ آيَاتُنَا ولى مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ... ﴾.