وكذلك في سورة العصر: ﴿والعصر إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات... ﴾ [العصر: ١ - ٣] ففائدة الإيمان العمل بمقتضاه، وإلا فما جدوى أن تؤمن بأشياء كثيرة، لكن لا تُوظف ما تؤمن به، ولا تترجمه إلى عمل وواقع؛ لذلك إنْ اكتفيتَ بالإيمان ككلمة تقال دون عمل، فقد جعلت الإيمانَ حجة عليك لا حجةً لك.
ومعنى ﴿وَعَمِلُواْ الصالحات﴾ [لقمان: ٨] أي: الصالح، والحق سبحانه خلق الكون على هيئة الصلاح، فالشيء الصالح عليك أنْ تزيد من صلاحه، فإنْ لم تقدر فلا أقلَّ من أنْ تدعَ الصالح على صلاحه فلا تفسده.
ثم يذكر سبحانه جزاء الإيمان والعمل الصالح ﴿لَهُمْ جَنَّاتُ النعيم﴾ [لقمان: ٨] فهي جنات لا جنة واحدة، ثم هي جنات النعيم أي: المقيم الذي لا تفوته ولا يفوتك.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ الله حَقّاً... ﴾.
حين نتأمل هذه الآيات نلمس رحمة الله بعباده حتى الكافر منهم الذي ضلَّ وأضلَّ، ومع ذلك فالله رحيم به حتى في تناول عذابهم، ألا ترى أن الله تعالى قال في عذابهم أنه مهين، وأنه أليم، لكن لم يذكر معه خلوداً كما ذكر هنا الخلود لنعيم الجنات، كما أن العذاب جاء بصيغة المفرد، أما الجنة فجاءت بصيغة الجمع، ثم أخبر عنها أنها ﴿وَعْدَ الله حَقّاً﴾ [لقمان: ٩]