فذكر فيها (حُسنْاً) ولم يقل فيها ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدنيا مَعْرُوفاً﴾ [لقمان: ١٥] فكأن كلمة الحُسْن، وهي الوصف الجامع لكلِّ مدلولات الحُسْن أغنتْ عن المصاحبة بالمعروف.
ومعنى ﴿جَاهَدَاكَ..﴾ [لقمان: ١٥] نقول: جاهد وجهد، جهد أي في نفسه، أما جهاد ففيها مفاعلة مع الغير، نقول: جاهد فلان فلاناً مثل قاتل، فهي تدل على المشاركة في الفعل، كما لو قلت: شارك عمرو زيداً، فكل منهما فاعل، وكل منهما مفعول، لكن تغلب الفاعلية في واحد، والمفعولية في الآخر.
فمعنى ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ..﴾ [لقمان: ١٥] لا تعني مجرد كلمة عَرَضَا فيها عليك أن تشرك بالله، إنما حدث منهما مجهود ومحاولات لجذبك إلى مجاراتها في الشرك بالله، فإن حدث منهما ذلك فنصيحتي لك ﴿فَلاَ تُطِعْهُمَا..﴾ [لقمان: ١٥]
ثم إياك أنْ تتخذ من كفرهما ودعوتهما لك إلى الكفر سبباً في اللدد معهما، أو قطع الرحم، فحتى مع الكفر يكون لهما حق عليك ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدنيا مَعْرُوفاً..﴾ [لقمان: ١٥] ثم إنهما كفرا بي أنا، وأنا الذي أوصيك بهما معروفاً.
وقوله تعالى: ﴿واتبع سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ..﴾ [لقمان: ١٥] أي: لن تكون وحدك، إنما سبقك أُنَاسٌ قبلك تابوا وأنابوا فكُنْ معهم ﴿ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ..﴾ [لقمان: ١٥] أي: مأواكم جميعاً.
قالوا: إن هذه الآية نزلت في سعد بن أبي وقاص، الذي قال