الشيء يأتي على عكس بنائه، فإذا أردنا مثلاً هدم عمارة من عدة أدوار فإن آخر الأدوار بناءً هو أول الأدوار هدماً.
كذلك الحال في الموت، أول شيء فيه خروج الروح، وهي آخر شيء في الخَلْق، فإذا خرجت الروح تصلَّب الجسد، أو كما يقولون (شضَّب)، وهذه المرحلة أشبه بمرحلة الصلصالية، ثم يُنتن وتتغير رائحته، كما كان في مرحلة الحمأ المسنون، ثم يتحلل هذا الجسد ويتبخر ما فيه من مائية، وتبقى بعض العناصر التي تتحول إلى تراب ليعود إلى أصله الأول.
إذن: خُذْ من رؤيتك للموت دليلاً على صِدْق ربك - عَزَّ وَجَلَّ - فيما أخبرك به من أمر الخَلْق الذي لم تشهده.
وقوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار والأفئدة..﴾ [السجدة: ٩] سبق أن تكلمنا عن هذه الأعضاء، وقد قرر علماء وظائف الأعضاء مهمة كل عضو وجارحة، ومتى تبدأ هذه الجارحة في أداء مهمتها، وأثبتوا أن الأذن هي الجارحة الأولى التي تؤدي مهمتها في الطفل، بدليل أنك إذا وضعتَ أصبعك أمام عين الطفل بعد ولادته لا (يرمش)، في حين يفزع إنْ أحدثت َ بجواره صوتاً: ذلك لأنه يسمع بعد ولادته مباشرة، أما الرؤية فتتأخر من ثلاثة إلى عشرة أيام.
لذلك كانت حاسة السمع هي المصاحبة للإنسان، ولا تنتهي مهمتها حتى في النوم، وبها يتم الاستدعاء، أما العين فلا تعمل أثناء النوم.


الصفحة التالية
Icon