لذلك يقول تعالى مُصوِّراً أثر هذا الهول: ﴿وَتَرَى الناس سكارى وَمَا هُم بسكارى ولكن عَذَابَ الله شَدِيدٌ﴾ [الحج: ٢]
وفي معرض حديثنا السابق عن الحواس: السمع والبصر والفؤاد فاتنا أنْ نذكر آية مهمة جاءت على غير هذا الترتيب، وهي قول الله تعالى: ﴿خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ وعلى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ﴾ [البقرة: ٧]
فجاء الفؤاد هنا أولاً، وجمع الفؤاد مع السمع في الختم لأنهما اشتركا فيه، أما البصر فاختص بشيء آخر، وهو الغشاوة التي تُغطِّي أبصارهم؛ ذلك لأن الآية السابقة في السمع والبصر والفؤاد كانت عطاءً من الله، فبدأ بالسمع، ثم البصر، ثم ترقى في العطاء إلى الفؤاد، لكن هنا المقام مقام سلب لهذه النعم، فيسلب الأهم أولاً، فأتى بالفؤاد ثم السمع ثم الأبصار.
لكن أي شيء أبصروه؟ وأي شيء سمعوه في قولهم ﴿رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا..﴾ [السجدة: ١٢] ؟ أول شيء يبصره الكافر يوم القيامة ﴿وَوَجَدَ الله عِندَهُ... ﴾ [النور: ٣٩] وحده سبحانه ليس معه شريك من الشركاء الذين عبدوهم في الدنيا، وليس لهم من دونه سبحانه وليٌّ، ولا شفيع، ولا نصير.
ومعنى ﴿وَسَمِعْنَا..﴾ [السجدة: ١٢] أي: ما أنزلته يا رب على رسولك، ونشهد أنه الحق وصدَّقنا الرسول في البلاغ عنك، وأنه