وقلنا: إن العمل في الدنيا للآخرة يمثل معادلة ينبغي أنْ تُحلّ حلاً صحيحاً، فأنت في الدنيا عمرك لا يُحسب بعمرها، إنما بمدة بقائك فيها، فهو عمر محدود، أما الآخرة فخلود لا ينتهي، فلو أن النعيم فيهما سواء لكان امتداد الزمن مرجحاً للآخرة.
ثم إن نعيمك في الدنيا على قدر إمكاناتك وحركتك فيها، أما نعيم الآخرة فعلى قدر إمكانات الله في الكون، نعيم الدنيا إما أنْ يفوتك أو تفوته أنت، ونعيم الآخرة باقٍ لا يفوتك أبداً لأنك مخلد فيه.
إذن: هي صفقة ينبغي أنْ تُحْسبَ حساباً صحيحاً، وتستحق أن نبيع من أجلها الدنيا بكل ما فيها من غالٍ ونفيس؛ لذلك سماها رسول الله تجارة رابحة.
وقال سبحانه وتعالى عن الكافرين ﴿أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ﴾ [البقرة: ١٦]
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا... ﴾.
الخرور: السقوط بغير نظام ولا ترتيب، كما جاء في قوله تعالى ﴿فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السقف مِن فَوْقِهِمْ... ﴾ [النحل: ٢٦] وفي موضع آخر قال سبحانه في هذا المعنى: ﴿إِنَّ الذين أُوتُواْ العلم مِن قَبْلِهِ... ﴾ [الإسراء: ١٠٧] أي: من قبل القرآن ﴿إِذَا يتلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً﴾ [الإسراء: ١٠٧ - ١٠٨]
فالخرور أنْ تهوي إلى الأرض ساجداً دون تفكير، وكل سجود


الصفحة التالية
Icon