وبعض أهل المعرفة والشطح يقولون: الله قدَّم الإحسان أولاً، فيجب على العبد أن يأتي بالإحسان جزاء الإحسان؛ لأنه ﴿هَلْ جَزَآءُ الإحسان إِلاَّ الإحسان﴾ [الرحمن: ٦٠]
وحين يُحسِن العبد في التكليف يُحيِّيه ربه بإحسان آخر، فيرد العبد على إحسان ربه إليه بالإحسان، وهكذا يتواصل الإحسان بين العبد وربه إلى ما لا نهاية.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً... ﴾.
أولاً: نلحظ في اللفظ أن مؤمناً وفاسقاً جاءت بصيغة المفرد، فكان القياس أنْ نقول: لا يستويان، إنما سياق القرآن ﴿لاَّ يَسْتَوُونَ﴾ [السجدة: ١٨] وسبق أنْ قُلْنا: إن (من وما) الموصولتين تأتي للمفرد أو للمثنى أو للجمع، وللمذكر وللمؤنث، فمرة يراعي السياق لفظها، ومرة يراعى معناها.
والمعنى هنا ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً﴾ [السجدة: ١٨] الحق سبحانه لا يتكلم عن المفرد، إنما عن الجمع، أو أنها قيلت رداً لحالة مخصوصة بين مؤمن وكافر وأراد الحق سبحانه أن يعطيها