ومن لقاء الكتاب الذي وعد به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ما رُوي عن عبد الله بن سلام أنه لما أراد أنْ يؤمن أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال: يا رسول الله، إن اليهود قوم بُهْتٌ - يعني: يتبجحون بالكذب - فإذا أسلمتُ قالوا فيَّ ما ليس فيَّ. فاسألهم عني يا رسول الله قبل أنْ أعلن إسلامي، فلَما اجتمع اليهود سألهم رسول الله: ما تقولون في ابن سلام؟ فقالوا: سيدنا وابن سيدنا وحبرنا وابن حبرنا... فقال عبد الله: أما وقد قالوا ما قالوا يا رسول الله فأشهد أنْ لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فقالوا: شرُّنا وابن شرنِّا.
فقال عبد الله: ألم أَقُلْ لك يا رسول الله أنهم قوم بُهْتٌ؟
وقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لبني إِسْرَائِيلَ﴾ [السجدة: ٢٣] أي: جعلنا الكتاب هدى، وهذا دليل على أن منهم مهتدين بدليل شهادة القرآن لهم: ﴿مِّنْ أَهْلِ الكتاب أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ الله آنَآءَ الليل وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾ [آل عمران: ١١٣]
وقوله تعالى في الآية بعدها: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً... ﴾.
أئمة: ليس المقصود بالإمامة هنا السلطة الزمنية من باطنهم، إنما إمامة القدوة بأمر الله؛ لذلك قال سبحانه: ﴿يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا..﴾ [