ثم أباح لك من جنس التكليف أشياء، فإذا قال الله لرسوله ﴿اتق الله..﴾ [الأحزاب: ١] فهي غير قوله لنا: اتقوا الله، فالأمر لنا نحن بالتقوى، أي: نفِّذ ما فُرِض عليك، أما في حق رسول الله فهي بمعنى: ادخل في مقام الإحسان، وجدَّده دائماً؛ لأن مراقي القبول من الله لا تنتهي، كما أن كمالات العطاء في الله لا تنتهي.
لذلك قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «من استوى يوماه فهو مغبون» أي: من استوى يومه مع أمسه في قُرْبه من الله فهو خاسر، لماذا؟ لأنه ينبغي للمؤمن أنْ يزيد في قُرْبه وفي مودته، وعلاقته بالله يوماً بعد يوم؛ لأن نِعَم الله عليك متوالية تستوجب شكراً متوالياً، وحمداً دائماً.
كما أن الحق سبحانه لا يكتفي من رسوله بما يكتفي به من سائر الخلق، إذن: فالتقوى بالنسبة لرسول الله غير التقوى بالنسبة لسائر الخَلْق، التقوى في حق رسول الله مجالها أوسع، وللرسول مع الله فيوضات لا تنتهي.
لذلك حين يناديك ربك للصلاة في كل يوم خمس مرات، فاعلم أن فضله عليك غير مكرر، بل فضله متجدد، فعطاؤه لك في الظهر