وهناك مطلوب إيمان ومطلوب إحسان: مطلوب الإيمان هو ما فرضه الله عليك، وجاء في الحديث القدسي: «ما تقرَّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إلىّ مما افترضته عليه»
فإنْ أردتَ أن تتقرب إلى الله فتقرَّب إليه بما يحب، ومن جنس ما فرضه عليك، فالله أمرك بصلاة وصيام وزكاة، فإنْ حَلَتْ لك هذه العبادات فزدْ منها فوق ما فرضه الله عليك، وحين تزيد اعرف أنه مسَّتْكَ نورانية الإشراق في العبادة فقلت: الله يستحق مني فوق ما كلَّفني، وهذا هو مقام الإحسان.
وسبق أنْ تحدثنا عن هذا المعنى في قوله تعالى: ﴿إِنَّ المتقين فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُواْ قَلِيلاً مِّن الليل مَا يَهْجَعُونَ وبالأسحار هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الذاريات: ١٥ - ١٨]
وهل فرض الله على عبده ألاَّ يهجع إلا قليلاً من الليل؟ لا بل لك أنْ تُصلي العشاء، وتنام حتى صلاة الفجر، كذلك في الاستغفار، أما الذي لا يهجع من الليل إلا قليلاً ويقوم في السَّحَر للاستغفار، فلا بُدَّ أنه حَلَتْ له العبادة، وحلا له الوقوف في حضرة ربه - عَزَّ وَجَلَّ - فدخل في مقام الإحسان.
ثم الإحسان نوعان: إحسان كم، وإحسان كيف، إحسان الكم بأنْ تزيد على ما فُرِض عليك، فتصلي فوق الفرض وتُزكِّي فوق الفرض، أما إحسان الكيف فبأنْ تخلص في عبادتك لله، وأنْ تعبد الله


الصفحة التالية
Icon