لكن تجد بعض الدعاة يدعون على غير بصيرة، فيغفلون مسألة الاستطاعة، ولا يجعلون لعدم الاستطاعة مجالاً، ويميلون إلى تغيير المنكر كله باليد، وهذا مخالف لأمر رسول الله.
فإنْ توقعتَ أنْ يصيبك ضرر فلتغير المنكر بقلبك؛ لأن الهدف أن تستقطب المنحرف إلى جهة الاعتدال، وهذا لا يتم إلا باللين وبالرفق حتى تجمع عليه شدتين: الأولى أنْ تُخرِجه مما يألف، والثانية: أنْ تُخرِجه عما يألفه بما يكرهه.
ويخطئ الكثيرون في فهم تغيير المنكر بالقلب فيظنون مثلاً أن تقول في نفسك: اللهم إن هذا منكر لا يرضيك وأنا أنكره، هذا مجرد إنكار باللسان والله لا يريد كلمة تخرج من أفواههم، إنما يريد منا عمل القلب الذي يتبعه عمل الجوارح، فقالبك في هذا الإنكار تابع لقلبك.
فحين ترى مَنِ استشرى في العصيان والطغيان وأنت لا تقدر على نهيه، لا بيدكَ ولا بلسانك، ولا تستطيع مواجهته، فعليك أن تكون كارهاً لعمله معرضاً عنه، مهملاً له، فلا تجامله في حزن ولا تُهنِّئه في فرح ولا تساعده إن احتاج.. الخ.
عليكْ أنْ تعزله عن مجتمعك، فإذا فعل معه الجميع هذا الفعل، وسلكوا معه هذا المسلك سقط واحده وارتدع.
لذلك لم نر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ صنع سجناً للمسلمين المخالفين، إنما جعل سجنهم في عزل المجتمع الإيماني لهم، أو سجن المجتمع عنهم، لا يكلمهم ولا يتعامل معهم، حتى الزوجة عزلها الشرع عن زوجها لا يقربها حتى يقضي الله في أمره.


الصفحة التالية
Icon