لذلك جعل الشارع الحكيم الدية في القتل الخطأ ليست على القاتل وحده، إنما على العاقلة أي: على جميع العائلة لأنها المنوط بها تقويم أبنائها، والأخذ على أيدي المنحرف منهم؛ لأنها هي التي ستتحمل العاقبة، وبذلك يحدث التوازن في المجتمع.
والحق - سبحانه وتعالى - حين وضع المنهج الذي يُنظِّم حياة الخَلْق يريد سبحانه الخير لخلقه، وهو سبحانه صاحب الخير ولا ينتفع منه بشيء، فلو أن الخَلْق جميعاً كانوا على أتقى قلب رجل واحد منهم ما زاد ذلك في مُلْك الله شيئاً.
ثم هو سبحانه خلق الإنسان، وحدد مهمته في الحياة، ووضع له قانون صيانته فيها، كما أن صانع الآلة يحدد الهدف منها قبل صناعتها، وحدد لها قانون صيانتها، فالذي صنع الغسالة مثلاً رأى كيف تتعب المرأة في عملية غسيل الملابس، فصنع هذه الآلة لتقوم بهذه المهمة، ولم يحدث أنْ صنع صانع آلة، ثم قال: انظروا في أيِّ شيء يمكن أنْ تُستخدم.
لذلك، فَشَلُ العالم كله يأتي من أن الخَلْق يريدون أنْ يحددوا مهمة الإنسان، ويضعوا له قانون صيانته، ويغفلون أنه صنعة الله، والذي يحدد مهمة الصَّنْعَة هو صانعها.
والحق سبحانه حدَّد لنا مهمتنا في الحياة قبل أنْ يستدعينا إليها،