بعدها:
﴿وَتَوَكَّلْ على الله وكفى بالله وَكِيلاً﴾ [الأحزاب: ٣]
ثم يقول سبحانه: ﴿إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً حَكِيماً﴾ [الأحزاب: ١] فالعلم غير الحكمة، العلم أن تعلم القضايا، أمّا الحكمة فأنْ تُوظِّف هذه القضايا في أماكنها، فالعلم وحده لا يكفي، فالصفتان متلازمتان متكاملتان، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ استأجرت القوي الأمين﴾ [القصص: ١٨]
فالقوي إنْ كان خائناً لم تنفعك قوته، كذلك إنْ كان الأمين ضعيفاً فلا تنفعك أمانته؛ لذلك لما اشتكى أمير المؤمنين إلى أحد خاصته من أهل العراق، يقول: إن استعملتُ عليهم القوي يَفْجُروه، وإن استعملتُ عليهم الضعيف يُهينَوه، فقال له: إن استعملت عليهم القوي فلك قوته وعليه فجوره، فقال له أمير المؤمنين: ما دُمْتَ قد عرفتََ هذا فلا أُوَلِّى عليهم غيرك.
إذن: فالعلم يعطيك قضايا الخير كله، والحكمة أنْ تضع الشيء في موضعه، والقضية في مكانها.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿واتبع مَا يوحى إِلَيْكَ... ﴾.