بنواهيهم، ولا تتوكل عليهم في شيء، إنما توكل على الله.
ولا بُدَّ أن نُفرق هنا بين التوكل والتواكل: التوكل أن تكون عاجزاً في شيء، فتذهب إلى مَنْ هو أقوى منك فيه، وتعتمد عليه في أن يقضيه لك، شريطة أن تستنفد فيه الأسباب التي خلقها الله لك، فالتوكل إذن أن تعمل الجوارح وتتوكل القلوب.
وقد ضرب لنا سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مثلاً توضيحياً في هذه المسألة بالطير، فقال: «لو توكلتم على الله حقَّ توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً».
أما التواكل فأنْ ترفضَ الأسباب التي قدمها الله لك، وتقعد عن الأَخْذ بها، وتقول: توكلت على الله، لا إنما استنفد الأسباب الموجودة لك من ربك، فإنْ عزَّتْ عليك الأسباب فلا تيأس؛ لأن لك رباً أقوى من الأسباب؛ لأنه سبحانه خالق الأسباب.
لذلك، كثير من الناس يقولون: دعوتُ الله فلم يستجب لي، نقول: نعم صدقت، وصدق الله معك؛ لأن الله تعالى أعطاك الأسباب فأهملتها، فساعة تستنفد أسبابك، فثِقْ أن ربك سيستجيب لك حين تلجأ إليه.
واقرأ قوله تعالى: ﴿أَمَّن يُجِيبُ المضطر إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السواء... ﴾ [النمل: ٦٢] والمضطر هو الذي عزَّتْ عليه الأسباب، وخرجتْ عن