ترتبط هذه الآية بالآيات قبلها، فقد ذكر الله تعالى معسكرين: معسكراً يحب أنْ يُطاع، فقال تعالى لرسوله ﴿ياأيها النبي اتق الله... ﴾ [الأحزاب: ١] وقال: ﴿واتبع مَا يوحى إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ... ﴾ [الأحزاب: ٢] وبينهما معسكر آخر نُهِي رسول الله عن طاعته ﴿وَلاَ تُطِعِ الكافرين والمنافقين... ﴾ [الأحزاب: ١]
إذن: نحن هنا أمام معسكرين: واحد يمثل الحق في أجلي معانيه وصوره، وآخر يمثل الباطل، وللقلب هنا دَوْر لا يقبل المواربة، إما أنْ ينحاز ويغلب صاحب الحق، وإما أنْ يغلب جانب الباطل، وما دمت أنت أمام أمرين متناقضين لا يمكن أنْ يجتمعا، فلا بُدَّ أن تُغلِّب الحق؛ لأن الله تعالى: ﴿مَّا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ..﴾ [الأحزاب: ٤] إما الحق وإما الباطل، ولا يمكن أن تتقي الله وتطيع الكافرين والمنافقين؛ لأن القلب الذي يميل ويغلب قلب واحد.
ومعلوم أن القلب هو أهم عضو في الجسم البشري فإذا أصيب الإنسان بمرض مثلاً يصف له الطبيب دواءً، الدواء يُؤخذ عن طريق الفم ويمرُّ بالجهاز الهضمي، ويحتاج إلى وقت ليتمثل في الجسم، فإنْ كانت الحالة أشدَّ يصف حقنة في العضل، فيصبُّ الدواء في الجسم مباشرة، فإنْ كان المرض أشد يُعْطَى حقنة في الوريد لماذا؟
ليصل الدواء المطلوب جاهزاً إلى الدم مباشرة، ليضخه القلب إلى جميع الأعضاء في أسرع وقت. إذن: فالدم هو الذي يحمل خصائص الشفاء والعافية إلى البدن كله، والقلب هو (الموتور) الذي يؤدي هذه المهمة؛ لذلك عليك أنْ تحتفظ به في حالة جيدة، بأن تملأه بالحق حتى لا يفسده الباطل.