ثم يقول الحق سبحانه: ﴿لِّيَسْئَلَ الصادقين عَن... ﴾.
اللام هنا في ﴿لِّيَسْأَلَ..﴾ [الأحزاب: ٨] لام التعليل، فالمعنى أننا أخذنا من النبيين الميثاق، لكن لن نتركهم دون سؤال ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النبيين مِيثَاقَهُمْ... ﴾ [الأحزاب: ٧] لماذا؟ ﴿لِّيَسْأَلَ الصادقين عَن صِدْقِهِمْ..﴾ [الأحزاب: ٨] لكن إذا كان المبلِّغ صادقاً، فكيف يسأل عن صدقه؟
سؤال الصادق عن صِدْقه ليس تبكيتاً للصادق، إنما تبكيتاً لمن كذَّب به، سنسأل الرسل: أبلغتم هؤلاء؟ ويقول تعالى: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ... ﴾ [المائدة: ١٠٩] ويسأل الله القوم: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هذا... ﴾ [الأنعام: ١٣٠]
فالاستفهام هنا للتقريع والتبكيت لمن كذَّب.
أو: يكون المعنى ﴿لِّيَسْأَلَ الصادقين عَن صِدْقِهِمْ..﴾ [الأحزاب: ٨] أي: أنتم بشَّرتم بأن الإله واحد، فأنتم صادقون؛ لأنكم أخذتُمْ هذه مني، ولما قامت الساعة ولم تجدوا إلهاً آخر يحمي الكافرين، إذن: فقد صدقت فيما أخبرت به، وصدقتم فيما بلغتم عني، حيث لم تجدوا في الآخرة إلا الإله الواحد.
لذلك يقول سبحانه: ﴿وَوَجَدَ الله عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ﴾ [النور: ٣٩] ولو كان معه سبحانه إله آخر لَدافع عن هؤلاء الكافرين، ومنعهم من العذاب.
كذلك يسأل الرسل عن البعث الذي وعد الله به، وبلَّغوه لأممهم،